جمعية مسجد محمود تتضرع إلى الله أن يرحم شهداءنا الأبرار و أن يتقبلهم عنده ويجزيهم خير الجزاء.
وتعلن الجمعية عن استعدادها لعلاج المصابين على نفقة الجمعية، فعلى الراغبين في تلقي هذه الخدمة التوجه إلى المركز الرئيسي للجمعية بميدان الدكتور مصطفى محمود ومعهم التقارير الطبية التي تفيد بحدوث الإصابات أثناء الأحداث الأخيرة.
مسجد محمود الرسالة والهدف والطريق
قيمة الانسان .. هى ما يضيفه الى الحياة بين ميلاده وموته
الدين .. ما هو ؟
الدين ليس حرفة ولا يصلح لأن يكون حرفة .
ولا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين .
ومجموعة الشعائر والمناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدى في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور ، فلا تكون من الدين في شيء .
وليس عندنا زى اسمه زى اسلامى .. والجلباب والسروال والشمروخ واللحية أعراف وعادات يشترك فيها المسلم والبوذي والمجوسي والدرزي .. ومطربو الديسكو والهيبى لحاهم أطول .
وان يكون اسمك محمدا أو علياً أو عثمانا ، لا يكفى لتكون مسلما .
وديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة.
والسبحة والتمتمة والحمحمة ، وسمت الدراويش وتهليله المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها .
والرايات واللافتات والمجامر والمباخر والجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر والمكر السياسي والفتن والثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب.
ما الدين إذن ..؟!
الدين حالة قلبية .. شعور .. إحساس باطني بالغيب .. وإدراك مبهم لكن مع أبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عليا تدبر كل شيء .
إحساس تام قاهر بأن هناك ذاتا عليا .. وأن المملكة لها ملك .. وأنه لا مهرب لظالم ولا إفلات لمجرم .. وانك حر مسئول لم تولد عبثا ولا تحيا سدى وأن موتك ليس نهايتك .. وإنما سيعبر بك إلى حيث لا تعلم .. إلى غيب من حيث جئت من غيب .. والوجود مستمر.
وهذا الإحساس يورث الرهبة والتقوى والورع ويدفع إلى مراجعة النفس ويحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئا ذا قيمة ويصوغ من نفسه وجودا أرقى وأرقى كل لحظة متحسبا لليوم الذي يلاقى فيه ذلك الملك العظيم .. مالك الملك .
هذه الأزمة الوجودية المتجددة والمعاناة الخلاقة المبدعة والشعور المتصل بالحضور أبدا منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت .. والإحساس بالمسئولية والشعور بالحكمة والجمال والنظام والجدية في كل شيء .. هو حقيقة الدين.
أنما تأتى العبادات والطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية .. لكن الحالة القلبية هى الأصل .. وهى عين الدين وكنهه وجوهره .
وينزل القرآن للتعريف بهذا الملك العظيم .. ملك الملوك .. وبأسمائه الحسنى وصفاته وأفعاله وآياته ووحدانيته .
ويأتي محمد عليه الصلاة والسلام ليعطى المثال والقدوة .
وذلك لتوثيق الأمر وتمام الكلمة .
ولكن يظل الإحساس بالغيب هو روح العبادة وجوهر الأحكام والشرائع .. وبدونه
لا تعنى الصلاة ولا تعنى الزكاة شيئا .
ولقد أعطى محمد عليه الصلاة والسلام القدوة والمثال للمسلم الكامل كما أعطى المثال للحكم الإسلامي والمجتمع الإسلامي .. لكن محمدا عليه الصلاة والسلام وصحبه كانوا مسلمين فى مجتمع قريش الكافر .. فبيئة الكفر ، ومناخ الكفر لم يمنع أيا منهم من أن يكون مسلما تام الإسلام .
وعلى المؤمن أن يدعو إلى الإيمان ، ولكن لا يضره إلا يستمع إليه أحد ولا يضره أن يكفر كل من حوله ، فهو يستطيع أن يكون مؤمنا في أي نظام وفى أي بيئة .. لأن الإيمان حالة قلبية ، والدين شعور وليس مظاهرة ، والمبصر يستطيع أن يباشر الإبصار ولو كان كل الموجودين عميانا فالأبصار ملكة لا تتأثر بعمى الموجودين ، كما أن الإحساس بالغيب ملكة
لا تتأثر بغفلة الغافلين ولو كثروا بل سوف تكون كثرتهم زيادة في ميزانها يوم الحساب .
إن العمدة في مسألة الدين والتدين هي الحالة القلبية .
ماذا يشغل القلب .. وماذا يجول بالخاطر ؟
وبم تتعلق الهمة ؟
وما الحب الغالب على المشاعر ؟
ولأي شيء الأفضلية القصوى ؟
وماذا يختار القلب في اللحظة الحاسمة ؟
والى أي كفة يميل الهوى ؟
تلك هي المؤشرات التي سوف تدل على الدين من عدمه .. وهى أكثر دلالة من الصلاة الشكلية ولهذا قال القرآن .. ولذكر الله أكبر .. أي أن الذكر أكبر من الصلاة .. رغم أهمية الصلاة.
ولذلك فال النبي عليه الصلاة والسلام لصحابته عن أبى بكر .. أنه لا يفضلكم بصوم أو بصلاة ولكن بشيء وقر في قلبه ..
وبهذا الشيء الذي وقر في قلب كل منا سوف نتفاضل يوم القيامة بأكبر مما نتفاضل بصلاة أو صيام .
إنما تكون الصلاة صلاة بسبب هذا الشيء الذي في القلب .
وإنما تكتسب الصلاة أهميتها القصوى في قدرتها على تصفية القلب وجمع الهمة وتحشيد الفكر وتركيز المشاعر
وكثرة الصلاة تفتح هذه العين الداخلية وتوسع هذا النهر الباطني ، وهى الجمعية الوجودية مع الله التي تعبر عن الدين بأكثر مما يعبر أي فعل.
وهى رسم الإسلام الذي يرسمه الجسم على الأرض ، سجودا ، وركوعا ، وخشوعا وابتهالا وفناء .. يقول رب العالمين لنبيه :
” اسجد واقترب “
وبسجود القلب يتجسد المعنى الباطني العميق للدين ، وتنعقد الصلة بأوثق ما تكون بين العبد والرب.
وبالحس الديني ، يشهد القلب الفعل الإلهي في كل شيء .. في المطر والجفاف في الهزيمة والنصر ، في الصحة والمرض ، في الفقر والغنى ، في الفرج والضيق . وعلى اتساع التاريخ يرى الله في تقلب الإحداث وتداول المقادير.
وعلى اتساع الكون يرى الله في النظام والتناسق والجمال كما يراه في الكوارث التي تنفجر فيها النجوم وتتلاشى في الفضاء البعيد .
وفى خصوصية النفس يراه فيما يتعاقب على النفس من بسط وقبض ، وأمل وحلم ، وفيما يلقى في القلب من خواطر وواردات .. حتى لتكاد تتحول حياة العابد إلى حوار هامس بينه وبين ربه طول الوقت ..
حوار بدون كلمات .
لأن كل حدث يجرى حوله هو كلمة إلهية وعبارة ربانية ، وكل خبر مشيئة ، وكل جديد هو سابقة في علم الله القديم .
وهذا الفهم للمشيئة لا يرى فيه المسلم تعطيلا لحريته ، بل يرى فيه امتدادا لهذه الحرية .. فقد أصبح يختار بربه ويريد بربه ، ويخطط بربه ، وينفذ بربه .. فهو الوكيل في كل أعماله .
بل هو يمشى به ، ويتنفس به ، ويسمع به ، ويبصر به ويحيا به .
وتلك قوة هائلة ومدد لا ينفد للعابد العارف ، كادت أن تكون يده يد الله وبصره بصره ، وسمعه سمعه ، واردته إرادته .
أن نهر الوجود الباطني داخله قد اتسع للإطلاق .. وفى ذلك يقول الله في حديثه القدسي :
” لم تسعني سماواتي ولا ارضي ووسعنا قلب عبدي المؤمن ” .
هذا التصعيد الوجودي ، والعروج النفسي المستمر هو المعنى الحقيقي للدين .. وتلك هي الهجرة إلى الله كدحا .
” يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحا فملاقية”.
ولا نجد غير الكدح كلمة تعبر عن هذه المعاناة الوجودية الخلاقة ، والجهاد النفسي صعدا إلى الله .
هذا هو الدين ..وهو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا .
وما هو دستورنا في هذا المركز الاسلامى ؟
ــ
ودستورنا ثمرة لهذه الرؤية فالإسلام حياة وليس مجرد شعائر ، وتلك دعوتنا التي نحاول أن ننشرها من خلال هذا المركز فالإسلام كما قلنا ليس مجرد ركعات في مسجد وإنما الإسلام علم وعمل وبر بالآخرين وإيمان بالله والإسلام هو الأحسن من كل شيء .. هو أحسن القول وأحسن الفعل وأحسن المعاملة وأحسن الخلق وأحسن المظهر وأحسن المخبر .. فالوضوء عندنا قبل السجود والعلم قبل العبادة ..
فاعلم انه لا اله إلا الله واستغفر لذنبك .. فالله لا يعبد بالجهل والاستزادة من العلم واجبة على كل مسلم .. ” وقل رب زدني علما ” . ولهذا أردنا أن يكون مسجدنا هو زيادة علم لكل من يدخله يربط المسلم بالعصر وبكل ما يجد فيه من كشوف علمية . يربط المسلم بالسماء عن طريق المرصد الفلكي . ويربط المسلم بالأرض عن طريق المتحف والسينما العلمية والفيديو والمكتبة المتعددة اللغات ويضع يده على آيات الله في البر والبحر ويجلو أمام عينيه بديع صنعه ويقدم المعونة للمحتاج والعلاج للمريض والأنس للمستوحش ونحاول أن نجعل منه راحة للعين بما ترى فيه من نظافة وجمال .
ونحن ضد الرافضة الذين يقولون بأن الإسلام يرفض العصر وبأن كل جديد يأتينا من الغرب رجس وان السينما كفر والتليفزيون كفر والراديو أفك والفنون فسق .. ويدعون إلى محو أربعة عشر قرنا من الزمان بكل ما فيها من نافع وضار . ونحن نرى أن كل هذه الأدوات هي أدوات علمية محايدة يمكن أن تكون وسيلة خير أو وسيلة شر ونحن نقول أن الإسلام لا يرفض العصر وإنما يستوعبه وينتفع بأحسن ما فيه ويأخذ منه ويعطيه ويوجه الصالح منه .. وأن هذا التفاعل الحي هو الموقف الابداعى للإسلام طوال العصور.
ونحن ضد التعصب والتشدد والتزمت والحرفية والجمود الغليظ .. ودعوتنا إنما إلى التحبيب والتخفيف على الناس بقدر ما تسمح به الشرائع .. نأمر بسعة الصدر ورحابة الأفق والسماحة مع الخصم والحلم في الجدل وندعو الى الحوار وحسن الإنصات إلى الراى المخالف ونحب الخطائين الذين يطلبون الصواب ونقول أن نبينا جاء رحمة للعالمين ولم يأت لينكل بالمخالفين ويسوقهم إلى جهنم بل جاء ليصبر على أذاهم وليدعوهم بالموعظة الحسنة إلى الجنة .
ونحن لا نقول بأن الإسلام جاء حربا على الأديان الأخرى وإنما نقول انه جاء تتويجا لها وتماما لمقاصدها ونحن بهذا نؤكد على الوحدة الوطنية والمعايشة الطيبة بين جميع الأديان تحت راية مصر الحب والعمار.
وفى خطتنا للمستقبل الخروج بالدعوة إلى آفاق عالمية مستعينين بالنشرات والكاسيت والفيديو والكتب والمراجع المترجمة الى اللغات الحية وتوثيق العلاقات مع كافة المراكز الإسلامية في العالم .. ونحن لا نعطى منبرنا لأي دعوة سياسية ولو كانت تحت شعار ديني فالسياسة أداة في أيدي الدول الكبرى والصغار فيها لعبة للكبار وبحر السياسة تيارات من المكر الدولي لا طاقة لأحد بسبر أغوارها وهى متاهات يضل فيها الحليم . وليس فى رسالتنا أن نغير الأمة وإنما رسالتنا أن نصلح الفرد ومن خلال الفرد الصالح تقوم أسرة صالحة ومجتمع صالح .. هذا دورنا المتواضع ولا نريد إن نتخطاه لندخل في متاهات مضلة .
فالإسلام ليس ثورة ولا انقلابا وإنما هو إحياء ضمائر واشراقات قلوب . ومبدأنا في الصدقة بسط اليد إلى أقصاها لا نخشى فقرا فالله هو الوهاب المعطى بسخاء لمن يعطى بسخاء.
ورسالتنا الحث على العمل ولهذا أنشأنا فصلا لتعليم الحياة للفتيات لتدريب المواهب وتشجيعها .
ومبدأنا في الوحدة العلاجية النزول برسوم الكشف إلى حدها الأدنى فليس هدفنا أن نربح من المرضى وإنما على العكس نحن نتكلف للمريض ولا نكلفه . وتستكمل الوحدة العلاجية جميع فرع العلاج بما في ذلك الفحص المعملي الكيميائي والتصوير بالأشعة والليزر والمستشفى المجهز لجميع العمليات الجراحية.
وليس من مبدأنا الاتجار بالمناسك ونحتذي بالرسول صلى الله عليه وسلم فى أدائها ولا نجعل مسجدنا مدفنا لأحد مهما بلغ شأنه وهو لمناسبات الحياة وليس لمناسبات الموت.